ســـــــوق عـــكـــاظ الـتـــاريخــــــي .........

ماهو سوق عكاظ التاريخي ؟
لقد اهتم العرب كغيرهم من الامم السابقة ببناء حضارتهم وتاريخهم القديم لشعورهم أنهم أمة لا تقل أهمية عن غيرها من الأمم وعليهم التاثير في حركة البناء الحضاري الانساني واقاموا الاسواق التجارية والادبية لتكون منتدى لجميع انشطتهم السنوية والعالمية بين الامم لتمثل تاريخهم الطويل امجاداً عظيمة لطابع حضاري متقدم فكانت الانشطة ذات القيمة التاريخية المتقدمة فكريا بواسطة الاسواق الشاملة ومن هذه الأسواق سوق عكاظ أشهر أسواق العرب قاطبة ولم يكن سوقا تجاريا فحسب بل غلبت عليه الصبغة الادبية لكونه المنتدى الادبي السنوي لعرب الجزيرة العربية ويجتمع فيه فحول الشعراء ونوابغ الخطباء يتبارزون في القاء أروع القصايد والخطب فهو يجمع بين الوظيفتين الاقتصادية والثقافية.

متى أنشئ هذا السوق ومتى أنتهى ؟
وقال البكري في معجم مااستعجم : (اتخذت سوقا بعد الفيل بخمس عشرة سنة ، وتركت عام خرجت الحرورية بمكة مع المختار بن عوف سنة تسع وعشرين ومائة هجريا ، الى هلم جرّا) .

أين موقع هذا السوق ؟
واختلف المؤرخون في تحديد موقعه فقيل انه على طريق السيل او اليمانية على طريق الذاهب من مكة المكرمة وإليها ويطلق بعضهم على البقعة التي يقع فيها السوق القانس وهي تجمع الطرق الى اليمن والعراق ومكة المكرمة في ربوة مرتفعة عما حولها. وقيل إنه بين نخله والطائف ونخلة هي السيل الكبير حاليا في موقع يقال له الفتق وقيل انه في موقع يسمى الاثيداء ومنها انه يقع في وادي ركبه المتصل بوادي عشيرة المعروفة حاليا ومنها انه بوادي عقرب في شرق الطائف ومنها انه يقع بالسيل الصغير موقع يقال له الخر في وادي عسله وراء جبل دما وغيرها من الروايات.
الموقع الثابت للسوق
وقد اثبت الشيخ محمد عبدالله بن بليهيد وكذلك اثبتت موقعه لجنة مشكلة من عدد من الباحثين والجهات الرسمية مؤخرا برئاسة معالي محافظ الطائف ان موقع السوق يبعد عن مطار الحوية مسافة عشرة كيلومترات من الجهة الشرقية وعن الطائف اربعين كيلو مترا تقريبا وهو المكان الذي يلتقي فيه الواديان وادي شرب ووادي الاخيضر شرقيه ماء يطلق عليه المبعوث عنده الحرة السوداء وجنوبية اكمة بيضاء يقال لها العبلاء من العهد الجاهلي الى الان وشماليه هو الفاصل بين وادي شرب ووادي قرن المعروفين بهذين الاسمين وقد حددت اللجنة المختصة التي تم تشكيلها مؤخرا رسما كروكيا لتوضيح الموقع كما هو حاليا.
يقع على يمين المتجه الى الرياض عبر طريق الطائف الرياض السريع.

وتوجد حدود ومعالم متوافرة الآن تمثل معطيات وثوابت تاريخية وجغرافية وهناك بقايا لموقع السوق منها عين الخليص واضحة المعالم التي كانت تغذي السوق بالمياه وقد تأكد ان موقعاً يسمى قصر مشرفة (الباقي اثاره حتى الان) هو موقع سوق عكاظ الحقيقي الحالي والثابت بالادلة والبراهين.

متى تاريخ إنعقاد هذا السوق ؟
وقد اختلفت الروايات في تاريخ انعقاد هذه السوق ، فقالوا : "كانت العرب تقيم بسوق عكاظ شهر شوال ، ثم تنتقل الى سوق مجنـة ، فتقيم فيه عشرين يوماً من ذي القعدة" وذكر ابن حبيب انها "كانت تقوم للنصف من ذي القعدة الى آخر الشهر.
إما الازرقي فذكر ان الناس كانوا يخرجون الى مواسمهم فيصبحون بعكاظ يوم هلال ذي القعدة ، فيقيمون به عشرين ليلة تقوم فيها اسواقهم بعكاظ وقد ذكر ابن عبدربه في عقده أيضاً ان سوق عكاظ تقوم أول يوم من ذي القعدة ، ولعل ما ذهب اليه الأزرقي ، وتابعه فيه ابن عبدربه ، هو الأقرب إلى الصـواب وقد كان لقيـام السوق في الأشهر الحُرُم اثر واضح في تأمين الطرق اليها ، رغم بعض التجاوزات الأمنية ولما كانت عكاظ من موسم الحج ، فان السوق كانت تكتظ بصورة لم تشهدها أي سوق في جـزيرة العرب .

وإلى ذلك يشير أبو ذؤيب الهذلي بقوله :

اذا بنـي القباب على عكاظ وقـام البيع واجتمع الألوف
تواعدنا عُكاظ لنـنزلنــه ولـم تشعر إذن إني خليـفُ

ومن هذه الألوف كان التاجر ، والخطيب والشاعر ، والبعيد والقريب ، والمسافر والزائر ، وكان الخائف والآمن ، والموتور والواتر ، كان أيضاً الكبير والصغير ، والطفل والشاب والشيخ والمسن من المعمرين ، كانت عكاظُ مسرحاً كبيراً يتسع لجميع الفعاليـات في الحياة العربية في العصر الجاهلي .

من هم سكان سوق عكاظ ؟
تجمع الآراء ان سكان عكاظ الاوائل في اغلب الفترات هم قبيلة هوازن ومنهم بنو نصير وقبائل عدوان وثقيف وقيل سكان عكاظ هم القثمة وهم قبيلة دريد بن الصمة وتسكن هذه القبيلة ايضا وحتى الان وادي قران من السيل الصغير والعقيق ويسكن قرب عكاظ قبيلة عدوان التي ينتمي اليها ذو الإصبع العدواني احد المحكمين في سوق عكاظ وهذه القبيلة تسكن قرية العقرب كما تسكن قرب عكاظ قبيلة الصمة من عتيبة وكذلك قبيلة من قريش حلفاء قبيلة القثمة من منطقة القرشيات المعروفة وجماعة من الاشراف (ذوي جود الله) غرب موقع السوق.

بماذا يمتيز سوق عكاظ عن غيره من الأسواق التاريخيه عند العرب ؟
تميز سوق عكاظ بشمولية أنشطته وأهميتها نظرا لما يقدم فيه من مناشط متنوعة ولمشاركة وفود عربية واجنبية مختلفة بالاضافة الى عرب الجزيرة العربية فهو كان يشكل بمثابة مؤتمر عالمي لذلك يتم تشكيل لجان ومهام ترعى انشطة السوق عند بدء العمل السنوي فيه.
وكان العرب يقيمون في هذا السوق عشرين يوما غالبا في شهر ذي القعدة قبل الحج ويعرض فيه شعراء العرب حوليات من نخب قصائدهم على الناقدين في احتفال عظيم تشهده الجماهير وكانوا يتخذون من عكاظ حفلا ادبيا ومجتمعا خاصا بالوان البلاغة في الشعر والخطابة كما كانت طبيعة الحياة في بلاد العرب ومن انشطة السوق.

الأمن في عكاظ يتم حماية رواد السوق بشكل اكيد دون تقاعس بوضع نظام الاشهر وبالتحديد في اول شهر ذي القعدة من كل عام كما ان الوافدين الى السوق تؤخذ منهم اسلحتهم وتوضع عند رئيس لجنة الاسلحة وهو رجل مامون من العرب اتفق على انتخابه لهذا المنصب.

أما التحكيم فيتم اختيار مجموعة من الرجال حكام أنشطة السوق مثل أنشطة المنافرة والحلبين القبائل وعقد الصلح ايضا بين الخصوم وتحكيم المسابقات الشعرية وغير ذلك من الحكام الذين حكموا في سوق عكاظ (عامر بن الظرب وسعد بن زيد مناة وحنظلة بن زيد وذؤيب بن كعب ومازن ابن مالك والاضبط بن قريع والاقرع بن حابس بن عقال وغيرهم وشكل هؤلاء الحكام والقضاة مايسمى بحكومة عكاظ المركزية التي تشكل كل عام وعادة يكون اعضاء هذه الحكومة من قبيلتي تميم وعدوان.

أما النشاط الادبي فكان يمثله النابغة الذي يجلس على كرسي كما مثله غيلان ابن سلمة الثقفي وحنظلة بن نهد وكلب بن وبرة وهو النشاط الاكثر جذبا من غيره بحكم تخصص العرب في الشعر حيث قيل (الشعر ديوان العرب) وكان حكام وقضاة النشاط الادبي يمثل دور الناقد والمراقب الذي يجيز النص من عدمه وفي النشاط الادبي هذا نجده اكثر قوة ويمثل قمة الابداع حيث يقدم سنويا لذلك جاء الاسم الحوليات وهو في الشعر والخطابة التي من روادها قس بن ساعدة وذو الإصبع العدواني والخنساء الشاعرة المعروفة والمناظرة وهو لون من الوان الادب فيه الجدل والمفاخرة وتوثيق الحجة بالحجة.

النشاط التجاري يمثل في سوق عكاظ معرض تجارياً عالمياً متنقلاً ومتقدماً في نشاطه العظيم حيث تعرض فيه للبيع معروضات كبيرة تمثل المناطق جميعها في جزيرة العرب وفارس والحبشة ومصر والشام.

وكان النشاط القبلي والسياسي مثل حل المشاكل بين الامم والقبائل وعقد العهود والسلام وتسليم الاسرى وابرام العهود وتقويم الفرسان وتحديد المراكز المتقدمة بين فرسان العرب كل عام.

وقد بدأت فكرة إحياء سوق عكاظ في عام1412 أول عام بدأت فيه المهرجانات السياحية بالطائف لجذب السياح والمصطافين، وظهرت مشاكل مما أجل عملية النظر في تنفيذ الفكرة وما زاد الأمر تعقيداً ظهور العديد من المعارضين للفكرة من أساسه.
إلا أن العديد من اللجان قد شكلت لبحث الفكرة والعمل على تنفيذها بعد التوصل إلى قناعة كاملة بأهمية الموقع المرتبط تاريخه بالإسلام والجاهلية في وقت واحد، وصدرت الموافقة الرسمية علي إقامة وإنشاء مبان تراثية قريبة إلى ما كانت عليه مثل هذه المباني منذ مئات السنين، أنشئت على شكل وتصميم هندسي يواكب مراحل التطور التي شهدتها الطائف في كافة الجوانب ومنها السياحة

وفي عام 1428هـ دشن أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل سوق عكاظ الجديد